حكاية “الحكواتي الأخير” الذي يروج لموريتانيا بالقصص الشعبية
يحيى ولد الراجل يعمل في الإرشاد السياحي ويشارك في مهرجانات الحكايات التراثية وبات مقصداً للسياح الأوروبيين
بزيه التقليدي المزركش وعصاه المميزة التي يهش بها على حكاياته الشعبية فيتحلق حوله عشرات السياح متسمرين أمامه وكلهم آذان صاغية لقصصه، أنعش يحيى ولد الراجل آمال السياحة في بلده، إذ بات جزءاً ثابتاً في أجندة السياح القادمين من صقيع أوروبا، بحثاً عن أديم صحراء موريتانيا المترامية الأطراف وقصص يحيى التي تضفي على رحلتهم أجواء فانتازية تؤنس لياليهم في صحاري آدرار بشمال البلاد.
منحت مهنة الدليل السياحي التي أفنى يحيي الراجل زهرة شبابه فيها فرصة لإبهار السياح بحكاياته الشعبية التي كادت تندثر، لولا سرده هو لها على مريديه من عجائز وشباب أوروبا الذين سحرتهم صحاري موريتانيا.
يقول الراجل لـ”اندبندنت عربية”، “تأثرت الحكايات الشعبية بعصر العولمة وهجر غالبية الموريتانيين سماعها، بخاصة بعد رحيل أغلب المعمرين الذين كانوا يقصون هذه السرديات على الصغار في الداخل الموريتاني”.
ويضيف الراجل “نحاول أن تظل هذه الحكايات موجودة، سواء في المدارس أم في دور الثقافة ومراكز الترفيه، وبالطبع نقص الحكايات على أفواج السياح الذين يستكشفون موريتانيا سنوياً، كما أنني أعمل على جمع هذه الحكايات من المسنين وتوثيقها خوفاً من اندثارها”.
الحكواتي الأخير
يترأس ولد الراجل منظمة للحكواتيين ويشارك باسم موريتانيا بشكل دوري في المهرجانات التي تهتم بالحكايات التراثية كمغرب الحكايات في المغرب والراوي في إمارة الشارقة.
وتحظى منظمة رواة الصحراء التي أسسها ولد الراجل قبل أكثر من عقد بجماهيرية كبيرة في الأوساط التربوية والسياحية، ويذكر الخمسيني الذي أدمن الحكايات كيف شعر بالفخر حين أعادت وزارة التعليم الموريتانية الاهتمام بالحكايات الشعبية في مسابقة دخول السنة الأولى الإعدادية قبل عامين، حيث كان موضوع الإنشاء هو كتابة قصة شعبية من قصص الحيوانات التي يزخر بها التراث اللامادي الموريتاني.
منقذ السياحة
ساهم عمل ولد الراجل في مهنة الإرشاد السياحي في فهم أسس العمل السياحي، ومثلت قصصه المستمدة من التراث الموريتاني قيمة مضافة للسياح الأوروبيين الذين أبهرتهم غرائبية الحكايات وعمق دلالاتها الأخاذة.
وعن هذه الجزئية يعلق الموريتاني إسماعيل الشيخ سيديا على خصوصية عمل يحيى ولد الراجل بقوله إنه “يورد القصص الشعبية بأسلوب مسرحي جذاب ومزدوج، ومن خلال طريقته هذه يتم بعث شخصيات أسطورية شعبية بشكل خالد ومثير للذاكرة. وفي الوقت ذاته يحافظ على روح النكتة ورداء الطرافة والدعابة”.
ويعتبر ولد الشيخ سيديا أن ما يميز عمل الحكواتي ولد الراجل هو أنه يقدم شغفه “بلهجة حسانية ظريفة وفصيحة وبلغة فرنسية أنيقة”، مردفاً “ذلك فالقيمة الثقافية له تضاهي إحياء مسرح شعبي حكواتي من خلال دقائق في فيافي آدرار (شمال موريتانيا)”.
ويخلص ولد الشيخ سيديا إلى القول إن “ولد الراجل، بفنه وعفويته قدمنا للعالم من زاوية الحكاية بشكل واع وذكي”.
فتوحات دولية
طارت شهرة منظمة رواة الصحراء في الآفاق الثقافية العربية والفرنكوفونية. ويقول ولد الراجل في هذا الصدد إن “بعض المدارس الابتدائية في الداخل والخارج تربطه بها عقود يقدم بموجبها حكاياته بانتظام أمام الصغار الذين شوهت الصور الكرتونية لمسلسلاتهم أصالة القص كمعطى إنساني عرفه البشر منذ بدء الخليقة”.
ويقضي ولد الراجل جل وقته ضيفاً على منابر ثقافية دولية بين فرنسا والإمارات والمغرب، يوزع حكاياته التي لا تنتهي عن صحراء موريتانيا الشاسعة وحيوات بشرها وحيواناتها وأساطير محيطها الزاخر بالقصص التي لم ترو بعد.
ويعمل حكواتي موريتانيا المتدثر بالسرد على تنظيم مهرجان دولي للحكايات الشعبية، يضمن به مواصلة الحكاية الموريتانية حتى تصل إلى جيل اليوم المنقطع عن ماضيه.