بروز كيانات سياسية في موريتانيا تطرح نفسها كبديل للثنائية التقليدية
تشهد الساحة الموريتانية حراكا لافتا في الفترة الأخيرة مع بروز مجموعة من الكيانات تبحث عن تموقع ضمن الخارطة السياسية، وتطرح نفسها كبديل للثنائية التقليدية الممثلة في الأحزاب الموالية للسلطة وقوى المعارضة الرئيسية.
وأعلنت مجموعة من الشخصيات السياسية عن تأسيس حركة أطلقوا عليها “الوطنيون المتجددون”، وذلك بعد أسابيع قليلة من إعلان مجموعة من الأحزاب قيد الترخيص عن تشكيل تحالف باسم “ائتلاف دولة العدل”.
ترافق ذلك مع ترتيبات تجريها السلطة السياسية بقيادة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وأقطاب المعارضة الرئيسية تمهيدا لإجراء انتخابات تشريعية ومحلية نهاية العام المقبل.
وأفرزت هذه الترتيبات تشكيل لجنة عليا مستقلة للانتخابات تتكون من أحد عشر عضوا مقسمة على النحو التالي: خمسة ممثلين لأحزاب المعارضة (التحالف الشعبي التقدمي، والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل”، وتكتل القوى الديمقراطية، واتحاد قوى التقدم) وستة لأحزاب الأغلبية الداعمة للرئيس ولد الشيخ الغزواني.
الحركة الجديدة لا تبتعد كثيرا عن رؤية ائتلاف “دولة العدل” الذي أعلن عن نفسه قبل نحو شهر
وسيترأس هذه اللجنة وزير الداخلية السابق الداه ولد عبدالجليل خلفا لمحمد فال ولد بلال الذي استقال في الخامس من أكتوبر الماضي بناء على اتفاق بين الحكومة وتلك الأحزاب.
وتبدي العديد من الشخصيات والقوى المدنية والسياسية في موريتانيا تحفظاتها على هذه الترتيبات التي تعتبر أن الغاية منها هو الحفاظ على سلطة الغزواني عبر تقديم ترضيات للقوى المعارضة الرئيسية، داعية إلى مواجهة هذا المسار والتصدي له.
وتقول حركة “الوطنيون المتجددون” حديثة العهد إن “الأزمة السياسية في موريتانيا متعددة الأبعاد” وإن البلاد مقبلة على “استحقاقات انتخابية حاسمة، يتواجه فيها قطبان أساسيان”، أحدهما وصفته بـ”قطب الجمود” وآخر وصفته بـ”قطب التغيير”.
وترى الحركة أن أزمة البلاد “أعمق” من أن تحلّها الانتخابات المقبلة، داعين إلى “إنشاء مؤسسة مسؤولة عن تنظيم الانتخابات، مستقلة فعلا، ومزودة بالوسائل القانونية والمالية التي تمكنها من إنجاز مهمتها”.
وتحث الشخصيات الممثلة لحركة “الوطنيون المجددون” من يرون أنفسهم في “قطب التغيير” إلى العمل على تحقيق عدة أهداف على رأسها الوقوف ضد ما وصفوها بـ”توجهات السلطة لتدجين الإدارة لصالح قطب الجمود”.
وتتهم هذه الشخصيات وبينهم تكنوقراط وبرلمانيون سابقون سلطة الرئيس الغزواني باستخدام الإدارة من أجل الفوز بالانتخابات، داعين إلى تغييرات عميقة لضمان نزاهة الانتخابات.
وبحسب موقع “الأخبار” المحلي فإن الحركة الجديدة تضم وجوها مثل البروفسور الموريتاني المعروف سوماري أوتوما، وعضو مجلس الشيوخ السابق الشيخ سيدي حننا، واللواء المتقاعد لبات ولد معيوف، والناشطة السياسية المعروفة المعلومة بلال.
وبحسب النداء الذي أصدرته هذه الشخصيات فإن الهدف من تشكيل الحركة هو التصدي “لأغلبية رئاسية هامدة، تائهة، أنهكتها التناقضات وفقدان البوصلة والقيادة المناسبة”.
شخصيات سياسية ترى أن القطب الحاكم حاليا في البلاد يستمد مرجعيته الذهنية من “المحسوبية والقبيلة والطائفية والجهوية”، متهما إياه بـ”الفساد”.
وأضافت أن القطب الحاكم حاليا في البلاد “يستمد مرجعيته الذهنية من المحسوبية والقبيلة والطائفية والجهوية”، متهما إياه بـ”الفساد”.
وترى الحركة أن الوصفة لـ”إنقاذ” البلاد من هذا الوضع و”قيادته نحو ديمقراطية حقيقية سلمية” تمرّ عبر “ضمان حرية الاقتراع وحق المشاركة، مما يتطلب إحباطا للمحاولات التي يقوم بها قطب الجمود، وبمساعدة إدارة مُدجَّنة، من أجل تقويض العملية الانتخابية والمسلسل الديمقراطي، والتحكم التام في النتائج”.
ولا تبتعد الحركة الجديدة كثيرا عن رؤية ائتلاف “دولة العدل” الذي أعلن عن نفسه قبل نحو شهر، ويروّج ليكون البديل للثنائية السياسية التقليدية.
ويضم هذا الائتلاف عددا من الأحزاب معظمها لم يحصل بعد على ترخيص من السلطات وهي “الاتحاد من أجل التخطيط للبناء” وكتلة “خيار الحق السياسية”، و”حركة كفانا” الشبابية وحزب “الخيار الوطني”، وحزب “موريتانيا إلى الأمام”.
وقال القائمون على الائتلاف في بيان إنه يهدف إلى “إرساء دولة العدل والقانون والمؤسسات التي تضمن المحافظة على الدين والهُوية واللحمة الوطنية وفصل السلطات وتحمي كل المقدسات والثوابت الأخرى التي ينص عليها الدستور”.
ووفق البيان “يسعى الائتلاف إلى لمّ شمل أكبر عدد ممكن من الكتل والتيارات والقوى الحية السياسية والمواطنين في الداخل والخارج من أجل عرض بديل تاريخي للشعب الموريتاني عن الثنائية السياسية التقليدية، من موالاة يطبعها في الغالب التملق والنفاق السياسي والفساد، ومن معارضة عجزت منذ عقود عن إحداث التغيير المنشود رغم تضحيات ونضالات الكثير من نشطائها، ونكوص البعض الآخر عن مبادئه”.
وأكد البيان أن الائتلاف يعتزم خوض الانتخابات البرلمانية والجهوية والبلدية المزمعة في إطار كتلة سياسية واحدة. ومن المقرر أن تقام الانتخابات المحلية والتشريعية القادمة خلال ديسمبر 2023، فيما تشير الآجال القانونية إلى أن موعد الانتخابات الرئاسية سيكون في الأشهر الأخيرة من العام 2024.