التملق إبان الزيارات الرئاسية إلى متى؟!/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن- اسطنبول

فى موريتانيا عندما يعلن عن زيارة رئاسية يجتمع أبناء الولاية المعنية فى نواكشوط،وتمهيدا لوصول الرئيس،كما تجتمع كل مجموعة، بحكم رابطة الانتماء لمدينة بعينها أو قبيلة بذاتها،للتهيئة القصوى لتلك الزيارات،و فى هذا الجو يتحرك أحيانا الوزراء للدفع بأنصارهم و استجلاب الفنانين،للتغنى بأمجاد القائد المنتظر،و تمتلئ المدينة المستهدفة،من صور الزعيم،و يتعالى الصخب،و تخلو المكاتب فى نواكشوط،و تتعطل الكثير من الأنشطة،بينما تتحول وجهة الزيارة إلى مكان مزدحم للسيارات الفارهة و موائد المشوى و ما لذ و طاب و “لغن” و القصائد،و كأنها أحياء عربية تقليدية أو أسواق الشعر، أيام الجاهلية!.
و منذو مطلع التسعينات تركزت هذه الظاهرة و إلى اليوم،حيث ظهرت هذه الأجواء بقوة، فترة ولد الطايع و من بعده و إلى اليوم،و لو بمجرد تدشين لجسر رابط،مثل جسر روصو أمس،فقد كان الحشد غريبا و مضاعفا من نواكشوط إلى روصو و من مختلف أطراف الولاية إلى روصو،و استجلبت وزيرة الشؤون الاجتماعية الفنانين من قلب دكار،و ربحت “موريكوم للحفلات” حتى الثمالة،و بذر الجميع تبذيرا،على مرأى و مسمع، من شعب فقير يتمنى رغيف خبز و قرص دواء و خباء سكن،فإلى متى هذا الجو الاستقبالي المفعم بالمبالغة،عند كل زيارة رئاسية؟!.
عندما يتم الإعلان عن زيارة رئاسية،يطرب المعنيون،الذين أدمنوا على الحضور و الظهور،حيث أصبحت هذه الظاهرة، تقليدا راسخا فى ممارستهم،و ربما لا يستثمرونه فحسب،سياسيا و اجتماعيا،و إنما يطربون له،لأنهم تعودوه،منذو سنوات عديدة مديدة،و بغض النظر عن النظام القائم،و من الغريب أن من يتصدر مثل هذه الاستقبلات الرئاسية،ليس فحسب المنحدرون من الأوساط القبلية التقليدية،و إنما تلك النخب من الأطر،التى طالما،سبحت و طافت فى حصن الموالاة،منذو بزوغ الدولة الوطنية و إلى اليوم،و رغم أن تصرفات البعض أصبحت مزعجة جدا،و مضرة بسمعة الحكومات المتعاقبة،إلا أن الأمر أضحى عصيا على مجرد الإنكار،فمن باب أولى التغيير!.
فقط الجديد فى هذه الأجواء،استبعاد إعطاء الأولوية للفن الموريتاني،ففى “أكسبو دبي” قربوا عاجيا يشرب الخمر و يرقص على طريقته الخاصة،و فى روصو استجلبوا فنانة سنغالية ماجنة،و هذه التصرفات يحسبها البعض،على وزيرات داخل الحكومة.فهل أضحت الأولوية للأجانب أيضا،للاستفادة من هذا التبذير ،المثير للجدل،بامتياز ؟!.
إذن مظاهر البداوة و اللامبالاة و الفساد،ليست موجودة فحسب عندنا،و إنما ربما يصعب استئصالها.