الصراع الدولي في الساحل الإفريقي: معركة نفوذ تحت ستار مكافحة الإرهاب/ محمد ولد عمار

تحولت منطقة الساحل الإفريقي خلال العقد الأخير إلى ساحة صراع دولي معقد، حيث تتقاطع المصالح الجيوسياسية للقوى الكبرى مع التحديات الأمنية والتنموية لدول المنطقة. من مالي إلى النيجر وبوركينا فاسو، يزداد التنافس على التأثير تحت ستار مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار، بينما تعاني الشعوب من تداعيات هذا الصراع متعدد الجوانب.
الفراغ الأمني وصعود الجماعات المسلحة:
بعد التدخل العسكري الفرنسي في مالي عام 2013، بدا أن باريس تسعى لاحتواء انتشار الجماعات الجهادية في المنطقة. لكن سرعان ما تحولت العمليات العسكرية إلى مأزق طويل الأمد، وسط تزايد الهجمات المسلحة وتدهور ثقة السكان المحليين. هذا الفراغ الأمني شجع مجموعات على توسيع نشاطها، مما جعل المنطقة واحدة من مناطق التوتر في العالم.
تبدل التحالفات وظهور الفاعلين الجدد:
شهدت السنوات الأخيرة تغيرًا جذريًا في مواقف بعض الأنظمة السياسية في الساحل، حيث تصاعد الخطاب المناهض للتأثير الفرنسي. انقلابات متتالية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو دفعت نحو تقارب مع روسيا و الصين، لتعزيز وجودها من خلال مجموعات مثل “فاغنر” وعروض الدعم الأمني والعسكري،و الاقتصادي و التنموي من خلال علاقات الصين في منطقة الساحل.
الولايات المتحدة، من جانبها، تتابع التطورات بقلق، خاصة مع تصاعد الدور الروسي و الصيني، وتحاول الحفاظ على موطئ قدم عبر قواعدها العسكرية ومساعداتها الإنمائية.
السكان بين مطرقة الإرهاب وسندان التدخلات:
يدفع المواطن العادي في دول الساحل الثمن الأكبر لهذا الصراع الدولي بنكهة محلية. فإلى جانب التوتر الامني والتهجير، تتراجع مستويات التنمية وتتدهور الخدمات العامة. كما أن تسييس المساعدات والعمليات العسكرية يؤدي إلى تعقيد الوضع الإنساني.
بين الطموحات الدولية والمشاكل الداخلية، تبقى منطقة الساحل الإفريقي رهينة لصراع دولي معقد قد يطول في منطقة الساحل، ما لم تُمنح الأولوية للحلول الجذرية التي تراعي احتياجات السكان وتعيد الاعتبار للسيادة الوطنية والتنمية المستدامة.
زر الذهاب إلى الأعلى