فن فيلم “موت بلا رحمة” بمهرجان الجونة.. مرثية لضحايا زلزال تركيا وسوريا

دقيقة أو ربما أكثر استغرقها الزلزال الذي وقع في 6 فبراير 2023 في تركيا وسوريا، كانت كفيلة بإزهاق آلاف الأرواح، لكن الساعات والأيام التالية شهدت دراما إنسانية مروعة نقلت ملامحها ونبض ألمها إلى الشاشة المخرجة السورية وعد الخطيب عبر فيلمها الوثائقي الطويل “موت بلا رحمة” الذي عرض في مهرجان الجونة السينمائي.

ينطلق الفيلم من لحظة وقوع الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر الساعة 4:17 صباحاً بالتوقيت المحلي، مستخدماً لقطات مصورة أخذت من كاميرات المراقبة عند مداخل البنايات سجلت تدافع الناس إلى الشوارع فزعين بملابس النوم، ومقاطع صوتية سجلها العالقون تحت الأنقاض على هواتفهم المحمولة.

وبعد إيقاع لاهث ومرهق تظهر لقطات واسعة لمشاهد الدمار الذي لحق بالمباني والأحياء السكنية معظمها في تركيا مرت هادئة على الشاشة كأنها وقفة لالتقاط الأنفاس وإدراك حجم وعظم الكارثة للمتضررين من الزلزال والمتفرجين في قاعة السينما على حد سواء.

بعد ذلك ينطلق الفيلم في أثر عائلتين سوريتين تعيشان في تركيا، إحداهما عائلة فؤاد الذي كان مسافراً في رحلة عمل وقت انهيار شقته الواقعة في مجمع سكني فاخر في مدينة هاتاي وداخلها زوجته صفا وابنهما قتيبة (9 سنوات) والرضيع سامي.

وتحتبس الأنفاس من جديد مع محاولات فؤاد المستميتة للتواصل هاتفياً مع أسرته دون جدوى ثم سفره عائداً بالطائرة ووصوله بالسيارة إلى موقع منزله الذي يجده انهار تماماً ولا أثر لأي من سكانه.

يعثر فؤاد على زوجته مصابة في أحد المستشفيات ثم يتعرف على أشلاء ابنه قتيبة الذي انهار جدار فوقه وهو يحاول الهرب خلف أمه، فيما يظل مصير الرضيع سامي معلقاً إلى أن ينشر الأب صورته على وسائل التواصل الاجتماعي وترشده إحدى الممرضات إلى مكانه.

ورغم التئام شمل الأسرة من جديد يظل قلبها ممزقاً بسبب موت قتيبة ولا تخفف من عذابها سوى بضع لقطات مصورة هي كل ما تبقى من رحلته القصيرة في الحياة أثناء تدربه على لعب كرة القدم وفي المناسبات.

وبالتوازي يسرد الفيلم قصة عائلة فادي الذي كان في سوريا وقت انهيار منزل في تركيا يضم والده ووالدته وشقيقه الأصغر وأسرة شقيقه الأكبر الذين جاءوا إلى تركيا بحثاً عن الأمان بعدما فروا من حلب.

يكاد فادي أن يجن وهو عالق على الحدود انتظاراً للعبور إلى تركيا للاطمئنان على عائلته بعد أن انقطع الاتصال بها، لكن عند وصوله إلى موقع المنزل يلمس مدى بطء استجابة فرق الإنقاذ في التعامل مع الكارثة، ويدرك بمرور الأيام أن أمل النجاة تلاشى وأصبح أقصى ما يستطيعه هو التعرف على جثث وأشلاء أقاربه لجمع شملهم في قبر واحد.

ومع بلوغ الفيلم نهايته يتجاوز التناول مأساة العائلتين لتكشف عناوين نشرات الأخبار ومقاطع البرامج الحوارية التلفزيونية الأبعاد الأخرى التي ضاعفت من خسائر الكارثة الطبيعية، ومنها التغاضي عن معايير البناء المقاومة للزلازل والفساد، إلى جانب عجز المجتمع الدولي عن إدخال المساعدات للمناطق المنكوبة في سوريا.

المصدر: الشرق

زر الذهاب إلى الأعلى