المحطات الغازية: الحل الأمثل لخفض تكلفة الكهرباء في موريتانيا / سيد امحمد أجيون
إن معالجة أزمة تكلفة الكهرباء في موريتانيا تتطلب جهدًا جادًا ومهنيًا بعيدًا عن الاستهلاك السياسي والعقليات التقليدية مما يستدعي التوجه نحو استغلال الطاقة الغازية بشكل أوسع، إلى جانب زيادة الاعتماد على الطاقة الهوائية، كما يجب النظرُ في التحول مستقبلاً إلى الطاقة النووية كهدف بعيد المدى، لأن الأساليب التقليدية لم تعد كافية في مواجهة التحديات الحالية خاصة مع توفر اليورانيوم كمادة أولية وَفق نتائج التنقيب و رخص الاستغلال التي توزع من حين لآخر عبر مجلس الوزراء.
واقع تكلفة الكهرباء في موريتانيا
رغم توفر موارد الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح والماء في البلاد بسبب موقعها الجغرافي المتميز فينبغي مراجعة النسبة الموريتانية من اتفاقية حوض نهر السنغال المتقادمة والتي لا تتجاوز 26 % مع تزايد الطلب و تكلفة إنتاج الكهرباء الحالية المرتفعة نسبيًا لأن موريتانيا للأسف ما تزال تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري، خاصة محطاتِ الديزل، التي تتسم بالتكلفة العالية في العصر الحالي ر غم العديد من الملاحظات على بدائية التوزيع ومخاطره وعبثيته في ظل توفر إمكانية إنشاء بنية تحتية حديثة للطاقة.
و تشير بعض التقديرات إلى أن تكلفة إنتاج الكيلو وات الواحد من الكهرباء في موريتانيا قد تتراوح ما بين 0.20 و0.30 دولارا أمريكيا وهو ما يعتبر مرتفعًا ومجحفا للشركة الموريتانية للكهرباء وإن كان هذا الارتفاع في التكلفة يعود إلى عدة عوامل لعل من أبرزها استيرادَ الوقود وتكاليفَ التشغيلِ والصيانةِ فضلا عن تحديد أسعار تقديرية للكهرباء مما ينعكس سلبا على الواقع الفعلي للجودة والاستمرارية المطلوبين مما يؤدي إلى تأثير عكسي على الاستثمار والتصنيع، ويزيد من تكلفة الحياة اليومية لدى المواطنين والمقيمين
المحطات الغازية كحل بديل
لمواجهة هذا الواقع، تحتاج موريتانيا إلى اتخاذ خطوات سريعة نحو بناء محطات طاقة غازية حديثة لما يمكن أن تقدم من مزايا عديدة من حيث قلةُ تكاليفِ الإنتاجِ وسهولةُ التشغيلِِ والإيقافِ خلال فترات زمنية قصيرة كما أنها لا تتطلب سوى عمالة ذات مؤهلات متوسطة وهو ما يخفض تكاليفَ التشغيل.
فالمحطات الغازية لا تحتاج إلى كميات كبيرة من مياه التبريد، ويمكنها أن توفر قدراتِ توليد كبيرةً حسب بِنية المحطة التي تتراوح ما بين 600 ميغا وات فما فوق، خاصة إذا كان الغاز مستخرجًا محليًا، وبالاعتماد على مثل هذه المحطات، بحسب الخبراء، يمكن أن يساهم في تخفيض تكاليف إنتاج الكهرباء، ليصل إلى ما بين 0.05 و0.10 دولارا أمريكيا للكيلو وات الواحد في الساعة في حال توفر إمدادات كافية من الغاز الطبيعي ومراجعةِ الاتفاقيات مع شركات الاستغلال للمساهمة على الأقل في الإمداد المطلوب
التلاعب بالأسعار والفواتير التقديرية
فلو افترضنا أن إيراداتِ الكهرباء قد وصلت إلى أكثر من أربعة مليارات هذا العام فإن هذا الأمر لا يمكن أن يعد إنجازًا بقدر ما هو تقصيرٌ في إيرادات الكهرباء مقارنةً بالتكلِفة الكبيرة للإنتاج بالإضافة إلى حجم التلاعب في الفواتير التي لا تتناسب مع روح التحول الرقمي والدقة في تقديم الخدمات بالسهولة والسرعة.
ومن المهم أن يدرك بعضُ القائمين على السياسات العامة – أو العابرين على الأصح – أن خدمات الكهرباء ليست قطاعا ربحيا ، بقدر ما يجب أن يكون مدعوما بشكل يعزز النمو الاقتصادي ويخفف من أعباء الحياة على المواطنين بأسعار رمزية لضمان التنمية وجلب المزيد من الاستثمارات.
مستقبل الطاقة النظيفة والفعالة
و لضمان حياة كريمة ومستدامة، يجب أن تتجه موريتانيا إلى اعتماد محطات الطاقة الحديثة ذات الدورة المركبة (CCGT)، التي تتميز بالكفاءة وانخفاض التكاليف النهائية وتقليل الانبعاثات ذات التأثيرات البيئية، وهو ما يعني أن التحول إلى هذه التكنولوجيا ليس مجردَ حل للأزمة الحالية، بل خطوةٌ نحو بناء مستقبل أنظف وأكثر استدامةً للوطن.