ماذا بعد الوزارة؟ / أحمد غوثم امّمد
بِدايةً؛ لا داعي لقراءة جديدة للثلث الأول من التشكيلة الحكومية الجديدة؛ لأنه يحتوي على وزراء تم التجديد لهم، ولا داعي -أيضاً- لقراءة الثلث الأخير من التشكيلة؛ لأنه يحوي جماعة تبادلت الأدوار؛ وإنما التركيز على الثلث الأوسط، أو فئة الشباب على الأصح.
مما لا شك فيه أن العمل الجاد أيّاً كان نوعه -إدارة وزارة- يتطلب نشاط وحيوية الشباب، فهو القادر على مُواصلة العمل من البيت إلى المكتب والعكس، ومباشرة المشاريع بدقة عالية، والوقوف على تدشينها جميعاً، قريبةً كانت أو بعيدةً؛ إذْ لا مجال للنيابة هنا! وحتى لا أظلم الطرف الآخر في جَدلِ الشباب والشيوخ العقيم، أقول: إن الذي يَهُمّ المواطن هو: النتيجة، من أي طرف جاءت، وبأي طريقة تم التوصل لها.
الوزير الناجح:
يظن بعض الناس أن تحمل المسؤولية أمر سهل؛ والحقيقة غير ذلك، فهذه أمانة عرضها الله على السّماواتِ والأرضِ والجبالِ، فأبَيْنَ أن يَحْمِلْنا وأشْفَقْنَ مِنْهَا وَحمَلَهَا الإنْسانُ.. ومن شدة صعوبة تحمل الوزارة، ترى صاحبها الجَادّ مُتعب الجسم، شاردَ الذّهن، لا يلقى صديقاً، ولا يعرف راحةً، حظُّ أهله منه سويعات قليلة؛ لأنه في عمل مفتوح، قد يتطلب منه المبيت مرات في مكتبه. ولعلّ من صفات الوزير الناجح؛ أو الإداري عموماً حسب تعبير الأديب السعودي غازي القصيبي:
-العقلية؛ أي القدرة على معرفة القرار الصحيح. يبدو للوهلة الأولى أن هذا الشرط بديهي إلا أنه -عند التأمل- ليس كذلك. فكثير من الإداريين تغيب لديهم الرؤية، وتلتبس الأشياء، فتغيب القدرة على تمييز القرار الصحيح من القرار الخاطئ.
-النفسية؛ أي القدرة على اتخاذ القرار الصحيح. فالوزير الناجح لا ينشغل بالتنظير، ولا يخاف في اتخاذ قراره الصحيح من العواقب، بل لديه الشجاعة في اتخاذ القرار، وتحمّل كل العواقب.
– الصفة الثالثة؛ هي مزيج بين الصفة العقلية والصفة النفسية. أي القدرة على تنفيذ القرار الصحيح. فما أكثر القرارات الصحيحة التي اتخذت ولم تُنفّذ. فالحكمةُ إذنْ لا تكفي، ولا الشجاعة، بل لا بُدّ من صفةٍ ثالثة هي المهارة، المهارة في تكوين فريق فعّال، المهارة على التحفيز، والقدرة على شرح القرار، وعلى إزالة كل عقبة تقف في الطريق.
الباب المفتوح:
يتطلب العمل الجديد “الوزارة” كثيراً من المرونة وسرعة الحركة، قد لا يتحمله بداية فريق العمل، وخاصة الأمين العام، الذي سيقف بالمرصاد عند اتخاذ كل قرار، مدعياً أن هذه القرارات فوق طاقة الميزانية، وطاقة الفريق المداوم، ولم يتخذها أحد من قبل -وزير جديد لا يفقه شيئاً-… وربما شاهد الوزير الجديد عدم الانضباط الوظيفي، وعذر هذا وتأخر ذاك…إلخ. وبطبيعة الحال سيجد صعوبة في التأقلم، ككل البدايات.
وهنا يحدد الوزير الجديد أسلوبه في التعامل مع الزملاء الجدد، يبدأ بالرسائل الخفية -مثلًا- كأن يعتبر التأخر عن العمل استقالة، أو هذا التصرف غير مقبول، وبالتشاور، والرقابة، والاطلاع على أدق تفاصيل العمل الجديد، والزيارات المفاجئة لكل نقطة تابعة له، وينزل من برجه العالي وسيارته الفاخرة للمواطنين.. وبهذا الفعل يبعث الروح المعنوية للزملاء الجدد، ويكون ساهم هو وهم في خدمة المواطن، وهنا يحقق الوزير الجديد سياسة الباب المفتوح، وتكون العلاقة بينه وبين الزملاء الجدد علاقة عمل فقط.
نقاط على السريع:
على الوزير الجديد أن يراعي في تصرفاته النقاط الآتية:
– الابتعاد عن الشعبوية.
– المحافظة على المصداقية في كل عمل يقوم به.
– الحصانة الداخلية من الوهم (معالي الوزير/ سيادة المدير…).
– وضوح الرؤية، والتركيز في العمل.
– اتخاذ الفلسفة الليبرالية في الإنفاق: أي أن الدخل المتزايد يتطلب سخاءً أكبر في الإنفاق.
– الاهتمام بالزملاء الجدد، وخاصة الضعفاء؛ لأن الأقوياء قادرون على الاهتمام بأنفسهم.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق الوزراء في أداء مهامهم على أحسن وجه، وأن يديم على موريتانيا الأمن والأمان.