الروائي الموريتاني محمد ولد محمد سالم يصدر روايةعن ثورة الضواحي في قرطبة

صدرت في بيروت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، رواية «فتنة الربض» للروائي الموريتاني محمد ولد محمد سالم، وجاءت في 222 صفحة من القطع المتوسط.

تنطلق حكاية الرواية من تصور عثور الكاتب فجأة على نص لكاتب مجهول شارك في أحداث ثورة سكان الأرباض (الضواحي) في قرطبة، التي قامت ضد الأمير الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل، ثالث أمراء بني أمية في الأندلس، وذلك سنة 202 هجرية، وهو نص مجهول تماماً ومجهول كاتبه، ولا ذكر له في أي من المصادر القديمة، وتكون مهمة الكاتب بعد أن فشل في العثور على أي معلومة عن ذلك النص أن يعيد ترتيب الأحداث وتنسيقها انطلاقاً من تقنيات السرد المعاصرة.

تحكي الرواية عن أحداث تلك الثورة، والصراع الذي تأجج بين الحكم وأعوانه من جهة وبين بعض رجال الدولة والفقهاء والعامة من جهة أخرى، بسبب جبروت الحكم وجور أعوانه وتعسفهم، وحكاية الصداقة العجيبة بين الفقيه طالوت بن عبد الجبار المعافري أحد قادة الثورة وبين الشاب اليهودي النجار حاييم الإشبيلي، الذي أخفى الفقيه في منزله بعد الفتنة سنة كاملة، وكذلك حكاية راوي القصة مع أبي أيوب الحداد النصراني، وكان الراوي يعمل فتى ضرّاباً (حدّاداً) في دكان أبي أيوب حين قامت الثورة، ونشط فيها، وقد نشأت بينهما مودة راسخة، وكذلك حكايات الناس الذين شاركوا في الثورة واحترقوا بنيرانها، وما آلت إليه حياتهم من مآلات مؤلمة.

وكانت قد صدرت لمحمد ولد محمد سالم خمس روايات: «أشياء من عالم قديم»، و«ذاكرة الرمل» و«دروب عبد البركة»، و«دحّان»، و«ألاعيب خالد مع كورونا».

ومن مقتطفات الرواية نقرأ على الغلاف الأخير: «ضجّت بمقتلهم قرطبة واحتشد الناس من كل حوْماتها وأرباضها، شاخصة أبصارهم نحو ذلك المشهد الرهيب… أولئك الرجال الكرام، أفلاذ كبد قرطبة، الذين أزهقت أرواحهم مرّة واحدة… ثمانون رجلاً أو يزيدون، ما منهم إلا رجل سيد تتعلق به بيوتات وأتباع أو طلاب كثر في أرجاء قرطبة، نَزع الحكم أرواحهم ببطشةٍ واحدة، ضربتْ صميم المدينة… ذهب السادة والأشياخ فلم يعد للحياة بعدهم طعم… توقفت قرطبة في ذلك اليوم عن نشاطها المعتاد، وشلت حركة أسواقها… انتقل أهلها إلى ضفة النهر، حيث صلب أولئك الرجال… تكاثر الجنود على الرصيف وعند باب القنطرة، وفي الجهة الغربية إلى نهاية السور، مشكلين صفوفاً تحرس تلك الجثث المهيبة… سُمع النحيب في أرجاء المكان حتى خلنا أن الأرض اهتزت بنا… غلبتني دمعتي… كان صَلَف الجند وتعسّفهم في دفعنا بعيداً وضربنا، يحرق الأكباد، مما جعل الصدور تتوغر، حتى ذهب الرهَب والخوف من النفوس، وكان ذلك أول يوم تجرأنا فيه على الجنود، وعلى الحكم بشكل واضح، وأصبح كلامنا علناً، جهاراً نهاراً».

زر الذهاب إلى الأعلى