عبق من الوطنية / محمد الأمين العادل

أبى الوطني إلا أن يكون شجاعا وأبى الشجاع إلا أن يكون وطنيا فالشجاعة والوطنية متلازمتان ووجهان لعملة واحدة فالوطني لا يرضى تهوين وطنه ولا يقبل لوطنه الدونية في أي شيء لكن الوطني لا يحرق وطنه بل يحرق الدنيا لأجله.
عندما منع المختار ولد داداه ترخيص الأحزاب حفاظا على وحدة الدولة وسيادتها في بداية تأسيسها ضد أي تبعية قرر الزعيم بوياكي ولد عابدين الانقلاب عليه وذلك عن طريق باخرة محملة بجنود إحدى الدول الافريقية وبالأسلحة الكثيرة ولما عرض الأمر على صديقه السياسي ورجل الأعمال بمب ولد سيدي بادي لم يوافقه على ذلك وثناه عن الأمر وأخبره أن تواجد جنود دولة أجنبية على التراب الوطني يعتبر خطرا كبيرا وأن الوضع الذي قد يسببه الانقلاب سيكون كارثيا ولن تحمد عقباه وأن الرئاسة لا تستحق ذلك.
لاحقا عند ما علم المختار ولد داده بتحضير الانقلاب الذي أطاح بحكمه عرضت عليه دول عديدة من بينها المغرب التدخل العسكري ومع أن المغرب كانت شبه شريك في الحرب وكانت لديها تسعة آلاف جندي فوق التراب الموريتاني إلا أن المختار ولد داداه اختار ترك الأمور على مجراها الطبيعي حفاظا على الدولة الموريتانية وسيادتها وأمنها.
في انقلاب السادس عشر من مارس والذي تعاون منفذوه مع المغرب في التدريب والمعلومات معتبرين أن الحكم آن ذاك كان محسوبا على دولة أجنبية ومعسكر معادي كانت لدى منفذي الانقلاب خطة بديلة في حال أي فشل أو تدخل أجنبي لكن وطنية أحمد سالم ولد سيدي ومحمد ولد عبد القادر هي التي منعتهما من طلب التدخل المغربي عندما فشل الانقلاب وتم حصارهم.
الوطنيون يلتقون دائما في نقطة واحدة الوطن هو البوصلة دائما الوطن والشعب والأجيال تشن لأجله الحروب وتشتعل لأجله الثورات وتقام لأجله الانقلابات لكن كل شيء يتوقف لأجله يضحى لأجله بالمال والنفس ويهون لأجله الغالي والنفيس.

زر الذهاب إلى الأعلى