الدولة الظاهرة..!!! والدولة العميقة..!! / عبدالله ولد اكوهي

بما أننا نعيش عصر تحديد المفاهيم وتبيين التعريفات والمحددات وتحديد المصطلحات، من الأهمية بمكان تسليط الضوء على واحد من هذه المفاهيم اثراءا لثقافتنا السياسية. قلت :

كان لهذا المفهوم عمقاً تاريخياً يعود جذوره لبدايات القرن العشرين إلا أنه لم يأخذ رواجاً جماهيرياً واسعاً إلا في بدايات القرن الحادي والعشرين وتحديداً مع إنطلاقة الثورات الملونة والربيع العربي ونظريات المؤامرة التي صاحبتها.

فمن حيث التعريف وكما تدل تسميتها أن الدولة العميقة هي دولة غير ظاهرة للعيان على سطح الأحداث السياسية ولكن تلعب دوراً أساسياً في إخراج وإنتاج الأحداث السياسية، وبما أنها تتصف بالغموض والسرية، يعد مفهوم الدولة العميقة من المفاهيم الأكثر إثارةً للجدل حيث لا يوجد إتفاق على تعريف محدد له ولا على محدداته وابعاده، فضلا عن أن ما يجعل من هذا المفهوم أكثر التباسا ً هو تشابكه مع عدد من المفاهيم المستخدمة في إطار النقاشات السياسية مثل مفاهيم «حكومة الظل»، الدولة الموازية، و-“الدولة داخل الدولة” وينبغي التنبيه إلى أنه ورغم تشابه هذه المفاهيم من الناحية الشكلية إلا أنها ليست مترادفات. بالرغم من صعوبة إيجاد تعريف موحد ومتكامل،

إلا أنه يمكننا شرح مفهوم “الدولة العميقة” بأنها مصطلح يعبر عن تحالف عميق يجمع بين طياته بنيات الدولة المختلفة، من مرفق إداري وسياسي وقضائي وإعلامي، والمؤسسات العسكرية والأجهزة الاستخباراتية، ومثقفين، ورجال مال وأعمال، علماء وأصحاب نفوذ… تجمعهم جميعاً رابطة واحدة منطقها ومؤداها هو الإبقاء على مصالحهم وامتيازاتهم الخاصة، واستثناؤهم عن أية محاسبة أو مساءلة، وعدم تعرضهم لأية متابعة قضائية حال استجدت أحداث شأنها خرق رابطة المصلحية”. تعمل الدولة العميقة على قاعدة “واحدٌ للجميع، والجميع للواحد” أي في حال بروز ما من شأنه أن يؤدي إلى فكفكة ” الرابطة” أو من شأنه خرق منظومة الدولة العميقة تجتمع جميع طيات الدولة العميقة وتتكتل للحيلولة دون انهيار “الهيكل  المصلحي” الذي كان قائما ومتماسكا.

وبناءً على هذه القاعدة يتضح لنا أن الدولة العميقة تتميز بالطبيعة الشبكية الأفقية وليس الهرمية. إذ تبدو الدولة العميقة على شاكلة بناء شبكي يتكون من العناصر والشخصيات العليا والرفيعة في النظام (مهما كانت صيغة النظام) تجمعها مصالح إقتصادية ومشاريع تجارية ومالية، وعلاقات إجتماعية وعائلية وطقوس إحتفالية وانتماءات قبلية أو جهوية أو شرائحية أو علاقات مصاهرة الخ…  (يتبع)

طابت أوقاتكم..

Facebook Twitter WhatsApp Share

زر الذهاب إلى الأعلى