خمسية غزواني/ محمد عبد الله ولد سيد عال

لا يستطيع أحد – مهما بلغ – تشاؤمه –أو كثر جدله-، أو اطنابه – أن ينكر التميز الواضح، والانجاز المبدع لخمسية غزواني التي تشهد أيامها الأخيرة.
التميز في منهج الحكم وأسلوبه، والتميز في طريقته ومعالجته والتميز في حل إشكالاته ومشكلاته، مشكلات مفاجئة تقذف بها زوابع الطموحات، وآمال العودة، ومذاق المسؤوليات، وتوترات تفتعلها الأطماع والنزوات وتغذيها الفيسبوكيات والتدوينات.
لكنها لا تلبث جميعها – ولله الحمد-أن تختفي مخلفة سكينة ووفارا وارتياحا وأمنا واستقرارا.
بفضل المبادرات الغزوانية والمسلكيات المتناهية في الحكمة والحنكة، والتجربة المشحونة بالنوايا والمقاصد الحسنة.
قد يختلف الناس في تحديد وجه التميز، لكنهم لا يمكن أن يختلفوا في أصل وجوده، ولا في تأثيره وأثره.
منهم من ينظر إليه من زاويته الأخلاقية، فيقول: خماسية غزواني تميزت بمسحة أخلاقية، ولفتة إنسانية، كانت مفقودة في الخطاب السياسي والسلوك الإداري، حيث غابت كل المفردات النابية، والمصطلحات الخشنة والتصرفات المنفرة، وهذا وجه صحيح لا شك فيه.
ومنهم من ينظر الى ذلك التميز من جانب الانحياز الواضح والاهتمام البين بالشرائح الهشة، والفئات المغبونة، تقوية للحمة الوطنية، وسعيا لاجتثاث الفوارق الاجتماعية، استنادا لما حصل من ذلك في التأمين الصحي، والتعليم الجمهوري، والاعتبار المعنوي، والتمييز الإيجابي في التوظيف والتعيين ، وهذا وجه صحيح لا شك فيه.
ومنهم من ينظر الى ذلك التميز من جانب العلاقة مع الفرقاء السياسيين، واعتبارهم شركاء وطنيين، وليسوا أعداء متربصين كما كانوا يوصفون، مع احترام انتماءاتهم السياسية، واختياراتهم الانتخابية، خلافا لما كان عليه الحال، من سياسة الشد والجذب، والكر والفر والمواجهات الخيالية والحروب الافتراضية، والانتصارات الوهمية، وقد دفع هذا السلوك ، أقطاب المعارضة الحقة ذات المصداقية التاريخية ، والمواقف الرشيدة المشرفة إلى التأييد والمساندة ، وترجيح المصلحة الوطنية على المكابرة والمزايدة وهذا وجه صحيح مبدع لا يشك فيه أحد.
ومنهم من ينظر الى ذلك التميز من جانب المشاريع الاستراتيجية الضخمة في التعليم، والصحة، والمياه والتعدين والاتصالات والمواصلات، فضلا عن الأمن والدفاع، وهذا وجه صحيح لا يماري فيه أحد.
ومنهم من ينظر الى هذا التميز من جانب التمسك البالغ بالقيم الإسلامية، وتصدرها للحياة السياسية، خلافا لما كان عليه الحال من اعتبار التمسك بها تخلفا رجعيا أو إرهابا خارجيا وهذا وجه صحيح لا شك فيه.
ومنهم من ينظر الى ذلك التميز خارج الحدود الوطنية فيلحظ ما تم بناؤه من علاقات عربية وإقليمية وقارية ودولية، رغم التوترات المحيطة والحروب الدولية، وما أجمع عليه الشركاء الدوليون من مصداقية، انعكست على قيادة موريتانيا للكثير من المنظمات القارية والدولية وما نتج عن ذلك من تدفق الاستثمارات المالية والتمويلات الاقتصادية، وهذا وجه صحيح لا شك فيه.
خلاصة ذلك كله تميز لا مراء فيه، وإنه تميز شامل عام، وأن ظرفه الزمني مأخوذ مما تبقى من مصيبة كورونا بعد التخلص من أطماع العودة إلى السلطة والرجوع الى الاستبداد والانسداد.
مما يعني أن مأموريتنا الثانية المشرفة – إن شاء الله-ستستغل بكامل زمنها في مناخ سياسي كانت أمواجه عاصفة، فهدأناها، وعلاقاته الدولية مختلة فقومناها، فهي قطعا ستكون مشبعة بالأمن والأمان، والارتياح والاطمئنان، والإنتاج الوفير، والتشغيل الكثير. فما علينا إذا إلا الإقبال على صناديق الاقتراع والتصويت لصاحب هذه الاخلاقيات الراسخة والإنجازات الضخمة المشاهدة.
ورغم ذلك كله، فان الأصوات الزائغة المناهضة والتحليلات المتشائمة المدفوعة بالطموحات الشخصية والعمالات الأجنبية، والعمولات التجارية لا تريد أن ترى ولا تقبل أن تسمع.
صحيح أن من طبائع بعض الشعوب –أو الرعية-كما يقول ابن عبد ربه في عقده الفريد – قلة الرضى عن الأئمة، وتحجر العذر عليهم، ورب ملوم لا ذنب له، ولا سبيل الى السلامة من السنة العامة، إذ كان رضى جملتها، وموافقة جماعتها، من المعجز الذي لا يدرك، والممتنع الذي لا يملك ولكل حصته من العدل، ومنزلته من الحكم.
وفي الحديث الذي دار بين الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز وابنه عبد الملك مقنع للمستعجلين، وأصحاب الحق المتهورين.
قال عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز لأبيه: مالك يا أبي لا تنفذ في الامور، فوالله لا أبالي في الحق، لو غلت بي وبك القدور. فقال له أبوه لا تعجل يا بني فان الله ذم الخمر في القرءان مرتين وحرمها في الثالثة، وأنا أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدعونه جملة وتكون فتنة.
وفي حديث له آخر معه قال له: يا أبت أنت لم تنصف المظلومين من الظالمين فقال له يا بني: لو حاولت ذلك دفعة لهاجمني الظالمون بالمظلومين، ولو علمت أنني آمن من المظلومين لما غربت شمس على أحد منهم وهو يطالب الظالمين بحق.
يبدو أن النهج العمري هذا حاضر لدى فخامة رئيس الجمهورية السيد: محمد بن الشيخ الغزواني، فالتدرج في الإصلاح والرفق في الأمور منهج نبوي عريق به أخذت حكمة التشريع وطبقه الحكماء، والعقلاء، فانجزوا في سلام وخرجوا بأمان فبدؤوا بخير وختموا بخير
انواكشوط بتاريخ 24/062024
الأستاذ: محمد عبد الله ولد سيد عال
زر الذهاب إلى الأعلى