يحيا المرابطون ولهم نرفع القبعة / الحسن ولد محمد الشيخ ولد خيمت النص

انبرى خيرة فرسان الرياضة (المرابطون) بقيادة “دلاّهي” مزهوين بملابسهم التي تتزين بلون العلم الوطني في يوم مشهود من شهر معلوم، وزحفوا نحو الميدان، وكأنهم يرتلون “ومن رباط الخيل”.

التقى المنتخبان على أرضية ملعب “بواكي” في كوت ديفوار؛ حيث لا بواكي لمن يُهزم هنالك.

كان الرهان على كسب ثقة شعب هَرِمَ في انتظار تحقيق الحلم .. وقد تكدست خيباته جبلا من الإحباط والسخط.
ولكن كان وقْعُ نعال الشباب هذه المرة يشي بقوة ضاربة وثبات مطمئن؛ فلم يسقط لهم خفّ ولم ترتدّ لهم صولة.

أزفت ساعة الحسم واشرأبت الأعناق نحو الميدان، ليتضح أن الفرق بينهم والخصم علو الكعب وقوة الإرادة.

كاد الجمهور -من خلف الشاشات الصغيرة-  يثور غضبا في الدقائق الأولى لرتابة اللعب وتضييع الفرص -وفي الثورة تتضح الصورة أو تختلط الأوراق- في لحظة فارطة حين ابتدأ الخصم بالهجوم والضغط.
و”ارتفع الضغط”

لكن الله منّ على لاعبينا بهجمات متتالية، قرأنا فيها أن إرادة الفريق لا تقهر، وأن اليأس والإحباط لا يصنعان الحدث، وأن الانتظار في طوابير الأمل هو محض الفشل والندم.

جال لاعبونا وصالوا فانبتّ عقد التواصل بين الخصوم (الأشقاء الجزائريين)، وارتدت هجماتهم وارتبكت حساباتهم؛ فلم يقوَ لهم ساعد ولم يقم لهم مارد.

تعالت الزغاريد في كل ركن من موريتانيا احتفاء بنصر مبين أراده الله للوطنيين الأحرار الذين لا تلهيهم أقوال السياسيين ولا أفعال العسكريين.
إنهم الرياضيون وحدهم هم المتشبثون بأصالتهم، والمكرّسون أنفسهم لخدمة الوطن، والمسخّرون في سبيل ذلك كل وسائلهم المادية والمعنوية وطاقاتهم البدنية.

جابت الجماهير شوارع العاصمة مكللة بنصر مِنَ الله، انتظره الشعب طويلا بعد أن كاد لسان الحال يقول “مسّنا وأهلنا الضر” بسبب هزائم يتدثر المسؤولون عنها في كل مرة بمغالطات مفضوحة ونتائج هزيلة.

لقد مَنّ الله على لاعبينا باتحاد الصفوف والجبهات وحسن توجيه الضربات فسددوا وأثخنوا، وارتفعت رايات النصر خفاقة فوق كل بيت موريتاني يريد لمسيرة التنمية أن تنطلق، ويتوقف قطار الفساد نهائيا.

لقد ظل المنتخب مفخرة الجميع من معارض وموال، وسيظل كما كان؛ يجمع الضعيف والقوي والفقير والغني في مدرجات لا تعرف العنصرية ولا الطبقية، ويبلسم في دقائق معدودة جراح المكلومين بفعل عبث العابثين بموارد البلد.

فاز المرابطون بأقدام راسخة في عمق التاريخ، ثابتة الخطو نحو مستقبل زاهر، تنشده كل نفس أبية تواقة للصحة والتعليم والأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية، والفوز بكأس الأمم الإفريقية.

فاز المرابطون وتركوا أهل السياسية يجرُّون أذيال الهزيمة من بيت إلى بيت، ومن مبادرة إلى مبادرة، ومن حزب إلى حزب؛ فقد بارت تجارتهم وتكدست في رفوف الخسران، وباتت “قاب قوسين أو أدنى” من التلف والضياع.

زر الذهاب إلى الأعلى