إعلان ترشح ذ. عمر محمد المختار الحاج لمنصب نقيب المحامين
لقد أصبحت نقابة المحامين الوطنية منذ سنوات، ساحة مواجهة بين الأطياف السياسية والجهوية والعرقية والقبلية وحتى بين الأجيال والاختصاصات. حيث تتنازع المجموعات المذكورة أو الأشخاص المنتمين إليها في صراعات غالبا ما يكون الفاعل فيها (من لديه السلطة) يعمل بصمة وسرية كما هو الحال في أغلب النزاعات والمهمش المسلوب يشتكي ويصرخ مستنجدا بأغلبية (من زملائه) صامتة لا تسمع ولا ترى ولم تعد تثق في أي كان ولم تعد تفرق بين الحقيقة والكذب ولم تعد ترى للحق وجودا. معارك ونزاعات يسمح فيها بتسديد كل الضربات.
إن ميل “الأنا” إلى إبراز إشعار لدى صاحبه بأنه مركزا ونهاية للكون، وغياب المؤسساتية في التعامل مع الأمور المشتركة ساهم في شخصنة السلطة (المستمدة أصلا من الجمع) إلى درجة قد توحي لاحقا بتوريثها ولو بطرق ذكية.
إن غياب الرقابة اللاحقة وغياب الضوابط والتوازنات القانونية تركا الباب مفتوحًا على مصراعيه لانتشار النميمة وحملات الإساءة والإساءة المضادة والإفراط في استخدام السلطة (القوة) وسوء استخدامها.
إن المحامين، العديد من المحامين، أولئك الذين يجدون أنفسهم بعد كل انتخابات في وضع المتفرج على مسرحية قديمة مملة يقدمها ممثلون لا يهمهم جمهورهم بقدر ما يتطلعون من ورائه إلى اعتراف أو موافقة أو أي اهتمام أو أي مصلحة تأتي من الخارج قد سئموا من الوضع.
إن الافتقار إلى الشفافية في إدارة موارد الهيئة (على الرغم من تواضعها في غياب وجود أفكار قد تساعد في نمائها)، وإسناد بعض مسيري الهيئة لعقود المشورة والتمثيل القضائي والاستفادة من التكوين والحصول على عضوية بعض الهيئات إلى مكاتبهم الخاصة أو مكاتب أقاربهم أو إلى وزملاء تربطهم بهم علاقات خاصة سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو مصلحية أو حزبية أو غيرها قد أصبح عائقا يحول دون بناء شيء مشترك يثق فيه الجميع وينتمي إليه بإرادة حرة لا بسلطة القانون وحده.
لقد أصبح الخلط بين مصالح الهيئة وأولئك الذين يتم تكليفهم في كل مرة من قبل كتلة المحامين (التي أصبحت مرنة للغاية لما عانته من الدرس) مقلق إلى حد كبير.
إن عدم التشاور حول القضايا الكبرى والمتوسطة جعل المحامي (الناخب) الذي لا يتشبث بكل قوة بنقيب أو لا ينتمي إلى ناد أو جماعة معينة، غريبًا على الهيئة وقد يتلقى كثيرا من أخبارها عن طريق الإعلام الخارجي.
إن الافتقار إلى الرقابة الداخلية والمراجعة المحاسبية والتسييرية السنوية أو المتعددة السنوات يعزز إفلات القائمين على الهيئة من المساءلة كما كرسه أصلا القانون المنظم لمهنة المحاماة.
إنه في ظل السعي وراء تحقيق المهمة الصعبة المتمثلة في البحث عن التوازنات الضرورية لبلدان مثل بلدنا، التي تتميز بحداثتها وضعف وسائلها ومؤسساتها، أصبحت الهيئة الوطنية للمحامين في كثير من النواحي شبيهة بما يسميه السياسيون بلغتهم “أحزاب الحقيبة” التي تُستخدم بغية تمرير موقف أو قرار لصالح جهة معينة أو ضد أخرى. إن هذه الأحزاب التي تتلخص في شخص ومحفظة ورأسية وطابع لا تتمتع بأي مصداقية أو أي تعاطف من أولئك الذين يستخدمونها للمناسبة، ولا من باب أولى من أولئك الذين تستخدم ضدهم.
لقد أدى الافتقار إلى الشفافية والحياد في معالجة سوء التفاهم والنزاعات الداخلية إلى اللجوء إلى إجراءات خارج نطاق القضاء شبيهة في بعض الأحيان بتصفية الحسابات حيث يندمج الأطراف والقضاة والمطالبات والحقائق والافتراءات والصيحات في نشاز يتحدث فيه الجميع ولا أحد يستمع.
وأصبحت الهيئة منذ عرفناها تستخدم لغرضين بعيدين عن أهدافها الطبيعية:
1. هناك من يسعون بأي ثمن إلى استخدامها لنيل اهتمام السلطات العمومية، ساعين في إقناعها بأن ولاء الهيئة قد يشكل خيارا حيويا بالنسبة إلى الدولة والنظام والحزب الحاكم وبأنها (الهيئة) رهن الإشارة للتدخل للتصريح والقول أو الوقوف حيث ما تأمر دون قيد أو شرط (ولا مقابل لذلك سوى قليل من الفرص والمال العام والتعيينات لصالح أشخاص قلائل تربطهم صلة بالقائمين عليها).
2. وهناك من جانب آخر من تتجه أنظارهم نحو السفارات والقنصليات والمنظمات غير الحكومية الأجنبية المهتمة “بحماية” أو “الدفاع” عن ممارسات وقناعات لا تكون مستهجنًة عادة إلا إذا حدثت على أرض أجنبية في دول أخرى غير الدول التي تنشط تلك الجهات لصالحها.
بصفة عامة هناك افتقار للجدية، وغياب شبه كامل للإدارة الرشيدة التي تعمل دون إفراط أو تفريط.
سعيا مني إلى العمل على وضع حد لتلك العيوب التي من بينها ما هو وراثي، ومنها ما هو مكتسب، اتخذت قرار الترشح لمنصب نقيب المحامين لسنة 2023، حيث سأعمل بعون الله وبمساعدة جميع الزملاء القادرين والعازمين على العمل على رفع مهنة المحاماة إلى وضعية أحسن بواسطة مجموعة من الإجراءات والخطوات العملية التي قدمتها إلى زملائي في خطابات وتسجيلات على الواتساب لمناقشتها وإثرائها بآرائهم ومن بينها ما يلي:
1. العمل بنهج تشاركي على تشخيص المشاكل والبحث عن أحسن الحلول،
2. إشراك جميع الزملاء حسب اختصاصاتهم وخبراتهم وكفاءاتهم واهتمامهم إلى عملية التفكيك وإعادة بناء الهيئة الوطنية للمحامين،
– إنشاء لجان مكونة من زملاء للقيام بمهام محددة، والاستفادة من تنوع اختصاصاتهم للاستفادة من المزايا النسبية التي تتمتع بها كل فئة لإثراء الهيئة وخلق فرص في نمائها المادي والمعنوي والمساهمة في المجهود العام لبناء دولة القانون والمؤسسات، والفئات المذكورة هي:
– أصحاب شهادة الأهلية لممارسة المحاماة الذين يتمتعون بخبرة جيدة في الإجراءات القضائية وحياة المحاكم
– قضاة سابقون لديهم خبرة في التعاطي مع المطالبات والوقائع ووسائل الإثبات وتطبيق القانون
– أساتذة التعليم العالي المتخصصين في القانون الوضعي الذين لديهم القدرة على الربط بين الواقع والمبتغى في سبيل التوصل إلى أفضل ما تسمح به الظروف
– أساتذة التعليم العالي المتخصصون في الشريعة الإسلامية والفقه والقانون المقارن
– الزملاء الذين التحقوا بالمهنة من خلال الهيئات المهنية الأخرى ذات الصلة.
سيكون هناك متسع لجميع أولئك القادرين على العطاء والأخذ في إطار سيتم إن شاء الله بأكبر قدر ممكن من الشفافية.
3. إجراء عمليات مراجعة محاسبية وإدارية سنوية قبل انعقاد كل جمعية عامة عادية للمحامين.
4. إنشاء لجنة للبت في مدى فاعلية ومتطلبات إنشاء نقابات فرعية في المناطق التي توجد بها محكمة استئناف،
5. تكليف فريق من الزملاء والخبراء بالبحث عن تطبيق إلكتروني يسمح للمحامين عقد جمعيات عامة وجمعيات تشاور حول جميع المواضيع التي تخصهم واتخاذ القرارات دون اللجوء دائما إلى التجمع في مكان وزمان محددين لما في ذلك من صعوبات حتى لا أقول استحالة.
وذلك من أجل الاستفادة من التقنيات الحديثة والحيلولة دون التغيب المنتشر عن الجمعيات العامة وغيرها حيث تصبح القرارات المصيرية تتخذ أحيانا من طرف قلة من الذين يعملون على تمريرها بغض النظر عن دوافعهم.
6. تخفيف النزعة الراسخة والمتجذرة في بلدنا كما هو الحال في بعض البلدان النامية والتي تجعل من هيئة المحامين طرفا سياسيًا مقدمًا الدروس وممليا على كل من هب ودب السلوك الصحيح الذي يجب إتباعه في “كل كبيرة وصغيرة” بينما هي في أمس الحاجة إلى من يرشدها إلى الطريق القويم.
وأخيرا، إذا كان ينبغي أن أتحدث عن نفسي بالمناسبة، فلن أقدم نفسي على أنني شخص خارق ولا حتى نقيضه أيضا. ما ألتزم القيام به في جميع الظروف إذا تم انتخابي بمشيئة الله هو التفكير والتصرف بمنطق وأسلوب “الأب النموذجي” وسأبذل قصارى جهدي للسير على نهج {…الَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُون وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ}.
والله ولي التوفيق
ذ/ عمر محمد المختار الحاج
مترشح لمنصب نقيب المحامين لسنة 2023