هل غاب التطوع من مسلكياتنا؟ / حمود أحمد سالم محمد راره
هذا سؤال كبير تقتضي الإجابة عليه مبحثا طويلا يضيق المقام عنه في هذا المقال القصير نسبيا غير أنه نظرا لأهمية الموضوع لا مناص من الحديث عنه بما يسمح به المقام.
تعلمنا في الابتدائية ونحن أطفال صغار نلج المدرسة لأول مرة أنه قبل دخول الفصل هنالك واجبات يجب القيام بها قبل كل شيء، نظافة الساحة وجمع الاوساخ وترتيب الطاولات وتهيئة السبورة ثم الانتظام بعد ذلك في الطوابير وتحية العلم وتأدية النشيد الوطني ثم الدخول الى القسم.
وفي أوقات العطل تتكلف مجموعة من الأساتذة بتنظيم فرق التلاميذ المقيمين في المدينة للقيام بأعمال تطوعية لصالح المدينة تستهدف الأسواق والمراكز الصحية والأماكن العمومية الأخرى التي تحتاج التنظيف.
هكذا طبعت المدرسة حياتنا وعلمتنا أنه لابد من خدمة الوطن وأنه من خلال هذه الأعمال التطوعية نقوم بذلك حسب المجهود، وجلي جدا أن لهذه العادة مزايا متعددة من أبرزها غرس المواطنة وتجذيرها في الناشئة وتربية الجيل الصاعد على خدمة الوطن والمجتمع.
كان هذا التقليد منهجا قويما لإعداد الشباب وتهيئته قبل مرحلة التكوين ليكون حين تخرجه قد استقى من السلوك المدني ما يجعله مؤهلا أكثر لتأدية، واجبه اتجاه وطنه ومجتمعه…
فهل اختفت هذه المنظومة السلوكية ولماذا وهل من سبيل لإعادتها؟ أسئلة أصبحت اليوم أكثر من أي وقت مضى مطروحة بإلحاح خصوصا أننا نسعى جاهدين لغرس قيم المواطنة وإرساء أسس المدرسة الجمهورية وخلق بيئة صالحة تنصهر فيها جهود الجميع لخلق تلاحم اجتماعي يدفع عجلة النمو والتطور بعيدا على الطريق.
إن إحياء هذا التقليد يجيب بشكل فعال وسريع على تلك الأسئلة وهو خطوة أساسية في منظومة الإصلاح الشامل التي تبنته الحكومة للنهوض بالبلد.
بعد أقل من شهر سوف يكون التلاميذ في فصولهم الدراسية وهي فرصة مواتية للشروع في اعتماد خطة تمكن من إعادة هذا المنهج الذي يحتاجه الفرد في حياته اليومية ويحتاجه المجتمع والوطن في سياق ضرورة بناء المواطن الصالح وتنمية روح المواطنة.