كيف فاز غزواني بثقة الشعب؟ / المختار محمد يحيى

كيف استحالت تجاعيد تلك العجوز المقعدة الجاثمة تحت عريش هش بسهول الضفة إلى أسارير وضاءة وهاجة تكشف عن ابتسامة كضوء الفجر، على غرار ابتسامات بللت بدموع فرح ذرفتها أخريات كثيرات بعد استفادتهم من لفتة تاريخية، إنها أفاعيل تآزر تلك المؤسسة الرائدة التي أسسها ووجهها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لتروي عطش الآلاف وتسد حاجة الآلاف وتعالج الآلاف من المرضى، وأن تبني وحدات سكنية لأكثر من ألفي أسرة متعففة وتجمع شمل أحياء فرقتها قسوة ضيق ذات اليد.

هذه مقدمة واصفة لجانب ضئيل من حقيقة لا يفوتها من امتلك الاطلاع على جوانب عديدة مما جد في حياتنا، تختلف عن الصورة التي يقدمها بعض المدونين خلف الحدود والبحار وفي الفضاء الافتراضي من نَفسٍ عدمي متشائم.

إن المتتبع للساحة الوطنية يدرك التقدم الكبير الذي أحرزته البلاد على مختلف الصعد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ودبلوماسيا حيث قطعت أشواطا هامة كان من الصعب قطعها لولى تظافر جملة من العوامل المؤثرة والحاسمة التي سهلت ومهدت الطريق أمام رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني فكيف استطاع تحقيق هذه النجاحات والإنجازات؟ رغم سوء الظروف الدولية، واضطراب المحيط الإقليمي، وكيف استطاع رئيس الجمهورية حشد دعم الشعب له بما فيه من فئات عريضة من الأطر المهنيين والقيادات السياسية المؤمنين بفكرة الجمهورية واستمرارهم بلا كلل ولا وملل دون انتظارهم للمكافآت؟!! فقط لإيمانهم بالمشروع الطموح الذي لا يمكن لصاحب بصيرة التخلف عنه.

إذا كانت السياسة في تعريفها المبسط غير الشامل لماهيتها هي “فن الممكن” وهي كيفية توزيع القوة والنفوذ ضمن مجتمع ما أو نظام معين، وبأنها العلاقة بين الحكام والمحكومين أو الدولة وكل ما يتعلق بشؤونها أو السلطة الكبرى في المجتمعات الإنسانية وكل ما يتعلق بظاهرة السلطة، ليست سوى أحد المفاتيح الهامة للعبور ببلد إلى ما يصبو ويتوق إليه، من تطور ونماء ورغد عيش وعدالة واستقرار،.

وفي العودة للسياسة في سياقنا الوطني فإن فخامة رئيس الجمهورية استطاع تطوير العمل السياسي ليشمل توسيع مصادر القرار، القائمة على الدراسة والأخذ بنماذج التجارب العالمية والاستفادة من الأطروحات التي كانت تقدمها المعارضة في العقود الماضية وتتخذها مطالبا، فتم تحقيق ذلك تلقائيا فور استلامه للسلطة إذ تضمن برنامجه تعهداتي تلك المطالب وتبناها مسبقا للفوز بقناعة الشعب، كما مكن الجميع من حق الإطلاع على توجهات الدولة ونوعية التحديات التي تواجهها والحلول المقترحة، وهو ما ادى إلى بث الثقة بين مختلف الفرقاء السياسيين  لما يتحلى به برنامج رئيس الجمهورية من صدق وواقعية، وكانت ثقتهم تلك تحثهم طواعية على التمسك بالتهدئة السياسية كخيار وطني استراتيجي لا غنى عنه، بينما لا يغفل رئيس الجمهورية في غمرة انشغاله بالملفات الكبرى عن إعطائه الاهتمام البالغ لمنتخبيه من جميع فئات الشعب الموريتاني، والعناية بالفئات الهشة الذين بوب عليهم بشكل خاص في مختلف برامج ومشاريع الدولة.

وتقوم سياسة الهدوء واستتباب الثقة التي لا تخطئها العين، على البناء المحافظ على ما كان سابقا من أساسات صلبة، بينما تتخلص من تلك المعيبة كذلك من المسلكيات المقيتة في هدوء دون ضجيج ولا صدام، في نوع جديد من المزاوجة بين الصرامة الحادة والمرونة الجادة لخلق الإصلاحات الضرورية وفق مقاربة تغيير تدريجي، وكانت أبرز سمات التهدئة الاستماع إلى الجميع لتقريب وتوحيد وجهات النظر وتحديد وتشخيص الخلل، وفتح باب التشاور أمام جميع قادة الفعل السياسي ورؤساء الأحزاب وقياداتها، وكانت ميزة سياسية هامة طبعت مأمورية رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الأولى وما أنتجته من مناخ مؤات للتنمية الاقتصادية وبناء الشراكات الاستراتيجية وزرع الثقة والاحترام لدى الغريم قبل الصديق وطنيا وخارجيا.

كما أن رئيس الجمهورية حاز ثقة الشباب والأطر والفاعلين السياسيين والاقتصاديين واستطاع الاعتماد على دعمهم اللا محدود، كما حظي برنامجه بمواكبة إعلامية وسياسية لا بأس بها ثمنت وباركت الإنجازات لينخرط الجميع في وضع اللبنات الأساسية في بناء النهضة الاقتصادية والتنموية الوطنية، فتم تطوير الخطاب السياسي ليكون جامعا داعما لإشراك الجميع للاستفادة من جهودهم، وترسيخ قيم الوحدة الوطنية وتعزيز المشترك وهو ما تمخض عنه التحاق الكثير من القيادات السياسية التي كانت لعقود من أعتى قوى المعارضة، لولى أنها رأت في رئيس الجمهورية المُخَلِّصَ المُخْلِصَ.

وجدير بالذكر أن هنالك الكثير من مناضلي فكرة الجمهورية العاضين بالنواجذ على دعم ومواكبة المشروع المجتمعي لرئيس الجمهورية جسدوا الدعم الصادق في أبهى صوره ولم ينتظروا دعوتهم لتقديم إسهامهم بل كانوا سباقين أصحاب اندفاع وعطاء لا يتوقف رغم أنهم لا يتلقون مقابلا على جهودهم، “زادهم العزم والإبا والثبات”، والإيمان بالجمهورية طيلة مأمورية من خمس سنوات.

إن هؤلاء المناضلين الجمهوريين استطاعوا أن يقفوا حصنا منيعا أمام أعداء الوطن ونافخي كير الفتنة وناشري الشائعات المغرضة، وكانوا صداحين بالحقيقة تفنيدا للأكاذيب، صونا لنعمة الهدوء والاستقرار، وحماية للوحدتين الوطنية والترابية، وهكذا حظي رئيس الجمهورية بهالة من المدافعين الصادقين عن برنامجه بلا هوادة هدفهم الوحيد المساهمة في تحقيق حلم الجمهورية وبناء دولة على أسس العدالة الإجتماعية والحكم الرشيد، ينتظرون اليوم الذي ستكون فيه بلادهم جنة للإنصاف والتنمية والرقي والازدهار

زر الذهاب إلى الأعلى