كيف لا نبارك ترشح صاحب الفخامة ؟!. / د.شيخنا حجبو

يقال عادة أن من سمع ليس كمن راى ، ونقول ان من سمع وراى ليس كمن سمع فقط ، التقيت مع السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ، منذ مدة غير بعيدة ، في الاشهر الاخيرة من نهاية ماموريته المنقضية ، وكانت الدعوة من طرفه في سياق لقائاته  مع رؤساء الاغلبية الرئاسية ، وقد استغرق اللقاء بيننا وقتا طويلا تجاوز الساعتين.
وقد كان من الطبيعي لرجل سياسي مثلي ، داعم لرئيس يوشك على نهاية مأمورية ويكرمه شعبه واغلبيته _ عرفانا بالجميل له _ بطلب الترشح لمامورية ثانية  يكفلها له الدستور ، أن احرص على تحقيق امرين في اللقاء معه  :
الأمر الأول _ أن احاول تقييم ما انقضى من مأموريته بشكل يسمح بالنجاح في اتباع منهج حواري ينتهي بتقيم مشترك بيننا يمكنني من الاضطلاع على حقيقة الظروف وكل الإكراهات ،التي اكتنفت ادارة حكمه، ومعرفة  الممكن وغير الممكن فيها بالنظر الى المنجزِ النتيجةَ للمامورية الموشكة على النهاية.
الأمر الثاني  _ ان أتمكن من معرفة الحاصل في التفكير والمتوقع في التدبير في المامورية المرتقبلة.
واصدقكم القول ان ما خرجت به من اللقاء كان يبعث على الاطمئنان حقيقة في كل اوجهه، فما تحدث الرجل عن  أي أمر من أمور الدولة وشؤون الناس ،
إلا وكان حديثه صريحا يميط اللثام عن حقيقة كل الأمور: فعلنا كذا وكذا ولم نستطع فعل كذا وكذا ،لأسباب ذاتية او موضوعية متعلقة بالدولة وامكاناتها بالمفهوم الواسع،  وبعض العوامل الخارجية، وقد تكون الأسباب مرتبطة احيانا  بترتيب الاولويات.
ويكفيك من الصراحة والصدق ان تسمع أن الدولة قد تضيع عليها فرص الاستفادة من منح خارجية ، يقدمها الشركاء بسبب عدم القدرة على دراسة
وتقديم الملفات في الوقت المطلوب….
ويكفيك ايضا ان تسمع ان الادارة ينخر فيها العجز احيانا وأحيانا تنخر فيها عدم المسؤولية، وأحيانا اللامبلات …
وقد تسمع في الحديث ان الضعف الفني له نصيب في الأمر كذلك .
وقد تسمع في الحديث ما يسرك وما يحزنك ، وما تاسف عليه .
فقد تسمع من ما يسرك  ان الجهد المبذول ( التدبير ) تاخذ العدالة والانصراف النصيب الأوفر منه ، حين توجه الامكانات ليس فقط للبنية التحتية ،بل لإطعام واشفاء من ليس له اية حيلة لاسكات انين اطفاله الجياع ، واشفائهم من مرض عضال ( الأمن الغذائي لآلاف المحتاجين و التأمين الصحي للآلاف من عديمي الدخل ) .
وقد تسمع من ما يحزنك وتاسف عليه  ان من هم في موقع المسؤولية بعضهم  غير قادر على المواكبة ( مواكبة الرئيس) ( الضعف العلمي والفني ) ،  والبعض مُهبط للهمم ومتفنن في التيئيس والعرقلة ،فيتحجج بان الأمر كذا، لا يصح ( توقيع اتفاق مع شركاء او تمرير صفقة ما في خدمة عمومية مستعجلة ) ، لأن الاستفادة الشخصية لم تحصل..وهلم جر..وقس على ذلك كل تقصير في المنجز بسبب السيستم المعطوب من داخله اصلا ( الفساد ) .
ومن ما قد يحزنك ان تسمع في الحديث ان الفساد هو السوسة الحقيقية التي تأكل السيستم من داخله ،رغم الجهود الكبيرة المتخذة والإصرار المتواصل
للقضاء عليه ،ولكن قد تسمع في الحديث تشخيصا دقيقا يُفهمك ان  الفساد قد  تطول الحرب عليه ،و تستمر لسنين ،وربما لعقود لتجذره في البنية  النفسية والسلوكية والعقدية( الغاية تبرر الوسيلة ) ، لأنه تجذر في العقلية وفي منظومة القيم السائدة وصار يورثه الجيل للجيل الذي يأتي من بعده ، ولذا قد تفهم لماذا السيد الرئيس في رسالة ترشحه وقف وقفة طويلة عند الفساد وتعهد ”  بضربه بيد من حديد ” غير مبال بما قد يترتب على هذا التعهد من نتائج في التصويت لصالحه غير مبال بذلك  ، وقد تفهم لماذا في رسالته اعتبر ماموريته هذه ” مأمورية الشباب” وقد لاخظنا في الحديث معه  اهتماما واضحا  في المستقبل بهذه الفئة العمرية لانه يتوقع ان الفساد فيها قد يكون أقل أو غير موجود ، وانها فئة تتطلع إلى الجديد ، وعندها طموح وهي أقرب لفهم حركة التاريخ وسنن التغير، وعندها الحافز. والطاقة الهائلة للإبتكار والابداع ، ومن الأكيد انها شغوفة لترى بلدها في ذروة ازدهاره ، يعانق سامقات البني والمنشئات في  العالم المتقدم ، وعندهم  القابيلة الحقيقية لتبني منهج الحكامة الرشيدة في السياسة وفي الاقتصاد …، ويتطلعون إلى بلوغ مستوى راق للممارسة الديمقراطية ….
وغني عن التذكير و البيان  ان نقول أن  الرجل كان الوحيد الذي  التف حوله الجميع ،مولاة ومعاضة في اجماع وطني استثنائ في تاريخ البلاد ، فوحد الجميع على فكرة واحدة ،  ولكنها عظيمة هي انكم ايها الموريتانيون تستطيعون بناء دولتكم بشكل مُوحِد في ظل وفاق مبدئ وجهد مُوَحد ، لا إقصاء فيه ولا تهميش ولا غبن ، يضبطه الاختلاف لا الخلاف ” تحت ظل خيمة كبرى” ، مصممين على تقوية اركانها على الدوام ،يلبس أطفالها زيا موحدا في مدرسة عمومية موحِدة،  تبني عرى نسيج اجتماعي قوي ،قادر على تخريج رجال اهم  صفاتهم الوطنية العالية والمواطنة الحقة ، لا تمتد أعينهم  لمال غيرهم ( المال العمومي  ) احرى ان تمتد ايديهم له لقوة اطارهم الاخلاقي ، خيمة تؤمن الجميع وتوفر له اسباب العيش الكريم ،
وفي الحديث قبل هذا وذاك تحس ان مقاربة جديدة لشؤون الحكم وتدبير أمر الدولة والمجتمع والاهتمام بالضعفاء والارتقاء بالمجتمع من خلال مأمورية غير تقليدية ،تجعل في اولوياتها محاربة الفساد والرشوة
وكل مفاسد القيم والعقليلت المعرقلة لبناء دولة حديثة عصرية ،  ياخذ فيها التصنيع الحيز الأكبر والتكوين المهني لمصادرها البشرية الفضاء الاوسع ،رهان لتحقيق اكتفاء ذاتي للضرورات الأساسية للناس والمجتمع ،
تحس هذه المقاربة حاضرة بقوة في حديث السيد الرئيس ، هذا بعض ما سمعته ورايته من خلال الحوار المطول مع صاحب الفخامة عند اجتماعي معه منذ مدة غير بعيدة ، وقد وجدت في رسالة الاستجابة للترشح  لمامورية ثانية تحت الحاح وطلب ونداء اغلبيته وشعبه للترشح ، الكثير مما شمله حديثه معنا وقتها ،ولان من سمع وراى ليس  كمن سمع فقط ، فإني ابارك وادعم ترشح صاحب الفخامة لمامورية ثانية
لمتابعة إنجازاته ومسار التنمية الذي انتهجه للبلد منذ توليه مقاليد الحكم  ،والذي سمعت معالمه في حديثه المطول معي .

زر الذهاب إلى الأعلى